مقالات

زوايا من الذكريات

في زاويته التي يملأها الحزن إن غاب عنها, يجلس ينصت لفيروز وهي تشدو بليل و شتي صوتو مسموع يا هوي اغمريني يا هوي دموع،يأخذه الحنين على انغام الاغنية بعيداً ,بعيداً حيث الذكريات الوحيده التي لم تفلت من ذاكرته رغم مرور السنين الطويلة,الذكريات التي لم تسمح للجديد ان يأخذ فيها مكان ,هو يعيش على الذكريات , على الحنين للاشياء التي شكلت عُمره ,الحنين هذا لا تأخذكم به الظنون, هو حنين لحبات مطرعذراء روّت ارض الخيمة التي سكنتهُ قبل أن يسكنها , حنينهُ لا يشبه الحنين عند الاخرين , حنينهُ كان للطين الذي كان يرسم احلامه في زقاق حشرت نفسها بين الخيام,حنينهُ للغةٍ ألِف سماعها دون ان يفهمها , لغةٌ لم يسمعها إلا بين شوادر الخيام والريح الصرصر. لم يستوعب أبداً أن أم يوسف مالكة الراديو الوحيد في المخيم تستطيع أن تجد منفذ من هالعمرالمسفوح على اعتاب الفقر والموت البارد لتسمع فيروز , لعلها كانت تتحدى كل شيء حولها وتقهره بالموسيقى وبصوت ملائكي كصوت فيروز .
كانت أيامهُ تشبه صكة الاسنان في البرد المبلول,كانت تشبه دمعة المطر في عينٍ جفنُها تيبس من الفقر والجوع.
يا الله أي حنين هذا الذي يعتريه ؟ وهل يحن المرء للعذاب ؟ ربما فكم من لذةٍ يصنعها الألم!
ها هو الآن يقهر كل شيء حوله ويستمع لفيروز وليذهب الموت الى الجحيم,ولتحيا الحياة رغماً عن أنف البرد والفقروالطين والايام السوداء .

انشر على :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *