السلايد شو مقالات

قلم «رصاص»


بقلم حلمي الأسمر

«الدولة» التي تعتقد أن طفلة في الرابعة عشرة من عمرها تهدد أمنها، وتعتقلها، وتقدمها للمحكمة مكبلة اليدين والقدمين، وتصدر حكما بسجنها شهرين، على «جريمة» لم ترتكبها، هي دولة مسخ، كرتون، آية للسقوط والزوال، ولو بعد حين!
بدأت قصة ملاك الخطيب، في نهاية العام الدراسي، حينما شعرت بالخوف، إثر توبيخها من قبل مديرة مدرستها في قرية بتين قرب رام الله، فحاولت الهرب من المدرسة إلى تلة مجاورة مكسية بالعشب علّ هذه النزهة تنسيها ذلك الخوف، لكن حدث لها ما هو أفظع من ذلك: اعتقلها جنود الاحتلال، ولفقوا لها تهمة تفوق عمرها. كانت ملاك الطالبة في الصف الثامن، تهم بقطع الطريق الاستيطاني «60» الذي يبعد عشرات الأمتار عن مدرستها، حين شاهدها عناصر دورية للجيش الاحتلال، وسارع أفرادها إلى اعتقال ملاك بصورة وحشية، كما ينقل والد الطفلة يوسف الخطيب ذلك عن شاهد عيان لحظة اعتقالها. لكن الوحشية لم تتوقف هنا، يقول الوالد العاجز عن تخيل ما حصل مع طفلته، إن الجنود لفقوا لابنته تهمة محاولة طعن جندي ورشق حجارة، وهي الطفلة التي لا تقوى على إيذاء قط. ويتابع الوالد:» شاهدنا ملاك اول مرة بعد الاعتقال في المحكمة وهي مكبلة اليدين والقدمين في مشهد لا يحتمله قلب أب وإنسان»، بعد مرور 23 يوما على اعتقال ملاك شوهدت ومعالم الضرب والارهاق بادية على وجهها في جلسة المحكمة.
كانت تبدو عليها آثار الإرهاق والبرد الشديد.. يقول والد ملاك، حاولنا إعطاءها معطفا وبعض النقود لكن المحكمة رفضت (..) سمحوا لنا بكلمتين معها، أخبرتنا بأنها بخير وأن الأسيرات في المعتقل يعتنين بها، وراحت تبكي، ويضيف والدها تعليقا على التهم الموجة إليها، إن ملاك تذهب عادة للاستمتاع بالربيع والمشي في الحقول خاصة في الأيام المشمسة، وهي تحب التقاط الزهور وجمعها، وهذا ما حاولت فعله فقط لدى خروجها من المدرسة.
وتقول خولة الخطيب -والدة ملاك- إن ابنتها التي تدرس في الصف الثامن خرجت إلى المدرسة ومعها دفتر وقلم فقط لتقديم امتحان اللغة الإنجليزية الأخير في الفصل الأول، وعندما خرجت مع زميلاتها اعتقلها الاحتلال.
محكمة عوفر العسكرية الصهيونية كانت على موعد مع ملاك، يوم الأربعاء الماضي، حين أصدرت حكما بسحن الطفلة مدة شهرين بتهمة إلقاء الحجارة أثناء خروجها من المدرسة، وغرامة مالية بـ 6 آلاف شيكل.
ملاك واحدة من مئات من أطفال فلسطين الذين يلفون المصير نفسه، فرع فلسطين في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال أوضح في تقرير حمل عنوان «العام 2014 الأسوأ بالنسبة للأطفال الفلسطينيين»، أن الاحتجاز العسكري والحبس الانفرادي من أسوأ الظروف التي يواجهها الأطفال الفلسطينيون، خاصة في الضفة الغربية والقدس المحتلة. الاعتقال العسكري حقيقة واقعة لمئات الأطفال الفلسطينيين كل عام، وفق النقرير، الأمر الذي يلحق بهم عنفا جسديا ونفسيا ويعيق تعليمهم، ويؤثر على صحتهم العقلية، ويضع أسرهم تحت ضغط كبير.
وحسب إحصاءات الحركة، بلغ متوسط عدد الأطفال الفلسطينيين رهن الاعتقال العسكري الإسرائيلي 197 طفلا شهريا، دون تغيير إلى حد كبير عن العام 2013 الذي بلغ فيه متوسط اعتقال الأطفال الشهري 199 طفلا..

انشر على :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *