السلايد شو مقالات

الوجه البشع ل (دبي)

كتب خالد الكساسبة

لا يهمني الهجوم (النهياني) و الإماراتي على الامير علي و على الهاشميين فهم لم يستشيرونا عند مصاهرتهم ولم يستشيرونا عند خلافهم و لكن ردًا على الهجوم الإماراتي على الاردن اقول :(السعادة) لا تأتي عبر (وزير) ، كما انها لا تاتي فقط بالطعام و الشراب ، لو كان الامر كذلك فان العصفور الذي تضعه في مكان دافئ في بيتك و تجلب له الطعام و الشراب سيكون اسعد المخلوقات لكنه يفر و يحلق في السماء حالما تفتح له باب (القفص) .كثيرون يعتقدون ان السعادة هي حالة نفسية تحدث نتيجة اشياء مادية ،و هذا اعتقاد خاطيء ، السعادة حالة داخلية تحدث احيانا بدون ان نعرف اسبابها .من يظن أن الحياة قصورا (لاكسورية) فقط و سيارات فارهة فقط فانه انسان خاوِ و فارغ ، الانسان مجموعة مشاعر و احاسيس و رغبات عاطفية و معنوية ايضا و ليس حاجات مادية فقط .ادرك ان الحرية تأتي بعد حاجة الاكل و الشرب و الامن لكن الاكل و الشرب يمكن له ان يتوفر مع الحرية ايضا ، ابدا لن نحصل على السعادة إن بقينا في زنازين الظلم و الظلام ، و الزنزانة تاتي أحيانا على شكل قصر .اسألوا الاميرات الهاربات من الخليج ، اسألوا تلك الاميرة البحرينة التي هربت من قصور شيوخ النفط لترتبط بالإنسان الذي عشقه قلبها ، لتعرفون لماذا هربت لأنها عرفت اين سعادتها ، عرفت ان كل هذه الأموال و قلادات الذهب و العطور و الملابس المستوردة لوحدها لن تمنحها السعادة ..لن اقبل ابدا ان اصبح مثل الاماراتيين ، غريبا في بلدي و اقلية في بلدي ، لن اقبل ان تكون كل انجازات بلدي بصنع الاغراب ، ان حصل مثل هذا الامر في الاردن فانني لن اشعر بالفخر بل ساشعر بالعار و ستظل عقدة النقص تلاحقني ،من يبيع انسانيته من اجل شهواته المادية لا يستحق كليهما .لا تروجوا ل (مدن الملح) فإن فيها شيوخا و ملوكا لا يفكون الحرف و لا يعرفون معنى الحرية و لا يفهمون حقوق الشعوب .لا تروجوا ل (ابار النفط ) فان سلاطينها و اغنيائها فارغون يضيعون وقتهم في صيد غزلان محمياتكم و صقور صحرائكم ، لا تبيعوا اخلاقكم و شهامتكم من اجل تأشيرة سفر او طمع برضى سادة (الخليج) .يحق ل دبي أن تعين كبريات شركات العلاقات العامة في العالم لكننا ابدا لن ننخدع بدعايتكم و لن نشتري اعلاناتكم التي تروجونها لانفسكم و لن نبلع تصريفاتكم اللغوية التي لا تعرف الا وزن (أَفْعَلْ) .البعض يقول بأن الامارات يؤمها ملايين السياح كل عام ، هذا كلام غير صحيح ، معظم من يأتي الى دبي فان دبي هي من تدعوه و هي من تتكفل بمصاريفه ، و كل من ياتون للمشاركة في مسابقاتها الثقافية ياتون طمعا في الدراهم و ليس للحصول على شهادة ممن لا يملكون أصلا الابداع .كل اموال المغنية الإماراتية (احلام) لم تجعل منها (ملكة) الا بنظرها هي فقط ، بل أنها اصبحت مثارا للسخرية لانها تسعى لفرض موهبتها بمالها ، صوت مطربة السوبرانو المصرية (فاطمة سعيد) هو الذي منحها جائزة الاوبرا العالمية و ليست اموالها .بضعة دقائق اقضيها في سماع المغنية المصرية (دنيا مسعود) تساوي لدي كل اغاني الاماراتيين (حسين الجسمي) و (عبدالله بالخير) السطحية و اللذين اعتقدا انهما يستطيعان شراء حب الجمهور باموالهما و اموال دولتهما .جولة اقضيها في ازقة (القاهرة) و بين عشوائياتها او (ثرثرة امارسها على نيلها) او جلسة صفاء ادبية في مقهاهها (الفيشاوي) لأحب لدي من كل مولات دبي و ناطحات سحابها .المال لن يحول محدثي النعمة الى (ارستقراطيين) و لن يمنح (رعاة الأبل) نبل و اخلاق الفرسان، و تعيين (وزير شاب) او (وزير للسعادة) لن يحول دبي الى اسطورةسجن (الوثبة) يعتبر من اسوأ سجون الامارات و يمارس فيه التعذيب ضد المساجين و هذا بخلاف الصورة التي تحاول ان ترسمها لنفسها الدولة الخليجية الغنية التي تهدر اموالها بطريقة عبثية على الامور الشكلية دون الالتفات ل المضمون .دبي مدينة اصطناعية تشبه فتاة جملت نفسها عبر عمليات التجميل و الماكياج ، مدينة بلاستيكية بلا روح ،و هي مهما فعلت فلن تكون نيويورك او باريس او روما او لندن ، و لربما تستطيع ان تزرع (السيليكون) لتكبير ثدييها لكنها ابدا لن تكون (وادي السيليكون) للشرق الاوسط .البنايات الشاهقة و الابراج المرتفعة و الجزر الصناعية ليست هي ما تبني الانسان ، ما يبني الانسان هة منظومة قيمية قانونية و دستورية عادلة تحافظ على حقوقه و على كرامته و على انسانيته . يمكن ل دبي ان تفخر باعلى برج و يمكن لها ان تنضم الى كتاب (غينيس) باكبر جزيرة اصطناعية ، يمكن لها ان تفخر بمولاتها و باضاءتها و بشوارعها و جسورها و لكن كل هذا لن يجعل منها المكان الاجمل في العالم فالجمال لا يكون بهذه الاشياء فقط .دبي مدينة صنعتها دراهمها و ابو ظبي صنعها نفطها و لا يوجد اي لمسة لابداع صنعها انسانها او مواطنها الكسول و الخامل الجالس على مقعده الوثير بلا عمل و يقبض راتبا عاليا لا لسبب الا لانه فقط اماراتي . قبل اعوام زرت دبي لكنني عكس الكثيرين لم احبها ، بدت لي مدينة بلا روح ، كل شيء فيها مصطنع ، و كل شيء مستورد، ما اثار دهشتي خلال زيارتي انني لم أرَ اماراتيين في دبي ، مجرد مدينة جمعت المبدعين و العمال الفقراء ليصنعوا لهم مدينة من اسمنت لكنها تفتقر لكل الاشياء الاخرى .دبي و الامارات ليست كما يظن الجميع ،هي اسوأ مدينة يمكن ان يعيش فيها انسان من خارج مواطنيها ،الرواتب نسبة لكلفة العيش عالية جدا ، رواتب المواطنين تبلغ اضعاف رواتب المقيمين الاجانب حتى لو كان المواطن متخرج حديثا و كان الاجنبي يملك سنوات طويلة من الخبرة ، و الاجانب هنا تعني غير الاماراتيين من العرب و الاسيويين ، اما الاجانب من اصول اوروبية او امريكية فيتقاضون ايضا ضعف ما يتلقاه الاخرون و في هذا تمييز اخر بين انسان و انسان .في دبي لا يسمح للاجانب بادخال ابنائهم للمدارس الحكومية فيضطرون لتسجيلهم في مدارس خاصة تكلفهم ثلث دخلهم ، و في الوقت الذي يتلقى فيه المواطنين علاجهم في مستشفيات الدولة مجانا فان الثلث الثاني من دخل الاجاني يذهب اما للتأمين الصحي او اتعابا للاطباء و المستشفيات ، و لا يبقى لهؤلاء سوى ثلث واحد من دخلهم يعتاشون عليه بصعوبة في ظل الكلفة العالية للسكن .النفط في (مدن الملح) لن يجعل البرجوازية الرأسمالية حديثة النعمة تحمل اخلاق (الارستقراطين) و نبل الفرسان ،المال يولد مع الارستقراطيين و تولد معه الاخلاق ، حديثي النعمة يأتيهم المال فجأة و لكن ابدا لن تاتيهم الاخلاق .الامارات التي تبدو للكثيرين عبر الصور التي تبثها الفضائيات كمدينة احلام ما هي الا اكذوبة لا يعرف حقيقتها الا من جرب أن يعمل هناك او من زارها، مثلها مثل دول الخليج الاخرى لا حقوق للانسان فيها الا حق الطعام و الشراب ، و لهذا فانني ابدا لن استطيع ان اعيش في مثل هذه الدول.

انشر على :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *